تخرق السيمفونية التاسعة لبيتهوفن جدار الموت في بيروت، معلنة افتتاح مهرجان الأفلام الفنية الوثائقية الذي ينهض من حالة احتضار، بسبب أسوأ أزمة مالية اجتماعية واقتصادية يمر بها لبنان.
وكمن يرقص فوق جراحه، وتعبيراً عن التمسك بالأمل والقدرة على الإبداع في زمن العزلة، اختارت المسؤولة عن مهرجان بيروت للأفلام الفنية الوثائقية، أليس مغبغب، أن تفتتح النسخة السادسة من هذا الحدث السنوي، مساء الخميس الماضي، بعملين عن المؤلف الموسيقي الألماني لودفيج فان بيتهوفن.
ويعد المهرجان أول حدث سينمائي ينظم حضورياً في بيروت منذ جائحة «كورونا»، وأقيم داخل قاعة مسرح مونو في الأشرفية، الذي تضرر جراء انفجار المرفأ الذي أودى بحياة 200 شخص ودمر مناطق واسعة من بيروت. وعلى الرغم من انفجار الرابع من أغسطس الماضي، يأتي هذا المهرجان ليمحو عن المدينة بعض آلامها، ويُودِع بين جدرانها، التي كانت قريبة من الموت، لمسة أمل مصحوبة بالموسيقى والأعمال السينمائية.
وتقول مغبغب: «المطلوب اليوم إيجاد الحلول، من السهل أن نبكي وننهار، لكننا معاً نستطيع أن نعيد الروح إلى لبنان الجريح وعاصمته الخليلة».
وتمحور الفيلمان الوثائقيان حول السيمفونية التاسعة لبيتهوفن، التي تعكس التعبير الأقسى عن الجمال والحب وإرادة الحياة. وقالت ماريا (60 عاماً): «كم هو جميل أن المؤلف كان فاقداً لحاسة السمع عندما قدم للأنغام روحه، وأعطى لهذه الأنغام روحاً، هكذا نريد بيروت أن تكون على مستوى نغم الروح رغم الجرح».
وأضافت: «لقد أتيت إلى مسرح مونو حيث الحدث سيراً على القدمين، منزلي بعيد لكنني أردت أن أحتفي بالحياة وبعاصمتي الجريحة، وأن أدعم أليس مغبغب في إصرارها على زرع الأمل ونشر الثقافة مجدداً في أرواحنا المتألمة، التقطت الصور للمباني المتصدعة والأخرى التي صمدت في وجه العمل الإجرامي، وها أنا أتحدث مع الغرباء في المسرح مع احترام التباعد الاجتماعي.. أريد العودة إلى الحياة». أما باميلا الخوري (35 عاماً) فقالت إن الفيلمين الوثائقيين «سيمفونية بيتهوفن التاسعة: سيمفونية للعالم» من إنتاج 2020، و«ما تبع السيمفونية التاسعة» من إنتاج 2013 «ترجما العمل الأسطوري بأسلوبين مختلفين، كما يراه أهم قادة الأوركسترا في العالم، من المؤلف الصيني تان دو إلى الإنجليزي غابرييل بروكوفييف، وصولاً إلى اليوناني - الروسي تيودور كورينتزيس، هو عمل واحد بأكثر من رؤى». وتطل النسخة السادسة من المهرجان بالشراكة مع رعاة ومخرجين دوليين، ويتضمن المهرجان 20 فيلماً من لبنان وأميركا وإيطاليا وسويسرا وبلجيكا، ومن بلدان أخرى.