عَقد المجلس الأعلى للثقافة بأمانة الدكتور هشام عزمي، ثاني ندوات سلسلة «تواصل»، والتي نظمتها لجنة السرد القصصي والروائي بالمجلس ومقررها الدكتور حسين حمودة، تحت إشراف الدكتورة عزة بدر عضوة اللجنة.
وشارك فيها كل من: الدكتور محمد حلمي حامد بمداخلة بعنوان «إبداع شعري»، والشاعرة نجلاء السيد سعيد بمداخلة بعنوان «إبداع شعري»، و القاصّة شيماء أحمد بمداخلة بعنوان «إبداع قصصي»، بالإضافة إلى مناقشة كتاب «مصر وأهلها» وهو كتاب نُشِر لأول مرة بالعربية لزكي نجيب محمود، وناقش الكتاب كل من اعتدال عثمان، والدكتور محمد الشحات، وأدارت الأمسية الدكتورة عزة بدر.
وقد روعي تطبيق الإجراءات الاحترازية المقررة بهدف الوقاية من فيروس كورونا.
وافتتحت الأمسية بكلمة الدكتورة عزة بدر، التي أبدت امتنانها بعودة أنشطة سلسلة ندوات «تواصل» مجددًا في ثاني ندواتها، كما رحبت بالحضور كافة، موضحة أهمية هذه الندوة التي تضم نخبة من المواهب الإبداعية في مختلف المجالات، ما بين الشعر والقصة القصيرة وكذلك مناقشة كتاب «مصر وأهلها».
جاءت البداية مع الشعر؛ فألقى الدكتور محمد حلمي حامد، ثلاث قصائد وعنوانها: (رداء قديم، حَالُ وَحَالُ، تبارك)، ويقول الشاعر في قصيدته: (تبارك):
بيضاء بالزغب
والفل تحت ظله الشفيف
يسجن اللهب
تبارك الذي أندى الزهور كلها
بالنور والحبب
وهز الصخر كي يميلَ عاشقًا
لجدولٍ هرب
وشق البحر كي أراكِ عند شطه
تعلمين البحر ما يكون أو يجب
وتهربين من كفىَ في الصباح
دونما سبب
تبارك الذي أعطى الحياة للجمال
مفاتناً تحن بالهوى وبالآمال
وألقت الشاعرة نجلاء السيد سعيد، عدة قصائد وعنوانها: (في حب مصر، على قد الشوف، قبل ما نقفل الكراس، وبرغم بصيص النور الضيق)، وتقول الشاعرة في قصيدتها: (وبرغم بصيص النور الضيق):
ارسموا الحلم في كفوفكم
وأشربوا من نبع حب الأرض ليكم
جملوا الحزن في قلوبكم
أسرقوا منها السنين
اللي فاضل مش كتير
بس لسه
جُوَا منها حاجة جارحه
معلمة القلب الانين
كل حاجة كانت بتكذب
واحنا برضه مصدقين
فيما قدمت القاصّة شيماء أحمد، قراءة لقصتين قصيرتين بعنوان: (رائحة البلد) و(سكر مرّ): وأوضحت الدكتورة عزة بدر ان القاصّة شيماء أحمد، لها مجموعة قصصية بعنوان (تمارا)، ولها رواية بعنوان (في حرم العشق)، وأن لها مدونة على موقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك) تحمل إسم (أحاسيس ناطقة)، وأضافت ان قصة (رائحة البلد) تعبر عن تمرد الفتاة على نصائح الجدة، فالحفيدة تمردت وقالت إنها خرجت خارج البيت ولم يصبها شيء مما حذرتها جدتها، وجاءت القصة معبرة عن تمرد الحفيدة.
وتحدثت اعتدال عثمان، والتي شاركت بمناقشة كتاب "مصر وأهلها" لزكي نجيب محمود، وقالت أن زكي نجيب محمود قمة مصرية ثقافية كبرى وأنه قامة فلسفية وفكرية كبيرة وصل إنتاجه الفكري إلى 40 كتاب، وأنه في هذا الكتاب اتبع المنهج العلمي التجريبي والتوجه الفلسفي وهذا يساعد علي تغيير الواقع، وأنه انتقل إلى البحث عن الأصالة والمعاصرة، وأن رؤيته إسلامية وعربية وهو يهدف إلى تقديم رؤية لثوابت عربية ومتغيرات العصر، فكان يكتب بعقل فيلسوف وقلم أديب متمكن، فكان يطلق عليه (أديب الفلاسفة، وفيلسوف الأدباء)، ويعد كتاب "مصر وأهلها" مفاجأة واكتشاف لعالم زكي نجيب محمود الزاخر بالمعرفة، وأن الكتاب تم تأليفه باللغة الإنجليزية ثم تُرجم للغة العربية، وجاء تأليف الكتاب بناء على طلب من دار نشر أمريكية كبرى بأن يؤلف كتاب يعبر عن مصر، وأن الفضل لمترجم الكتاب "سيد محمد عبد المحسن" فهو له الفضل في اكتشاف الكتاب وترجمته وإضافة هوامش توضيحية للكتاب، وقدم زكي نجيب محمود الظروف التي ألف فها الكتاب مثل شعوره الغريب وهو في الخارج، "شعور العاشق وهو يؤلف قصة يتغزل فيها بالحبيبة وينظر إليها بعين مفتونة بجمالها"، وجاء الكتاب كوجبة مفيدة وممتعة للقارئ.
وتحدث الدكتور محمد الشحات، والذي شارك بمناقشة كتاب "مصر وأهلها" لزكي نجيب محمود، وقال أطالب بإعادة طباعة ونشر الكتاب مرة ثانية، حيث كانت طباعة الكتاب لأول مرة عام 1958 بعد تأليفه بعامين حيث تم تأليفه عام 1956، وضرورة إعادة النظر في بعض الهوامش الخاصة بالكتاب، وأن الكتاب تم تأليفه في الأساس لقارئ أجنبي ليس عربي، كان زكي نجيب محمود مفكر وأديب وفيلسوف، وأن الكتاب تناول التاريخ والجغرافيا والفن وحقوق المرأة وكثير من الأفكار الأخرى، فهذا الكتاب أقرب لكتاب شخصية مصر لجمال حمدان ولكن برؤية مختلفة وهو لا يقل عنه في شيء وهو كتاب مهم ومفيد جداً، يتكون الكتاب من 15 مقالاً ورغم ذلك كُتب الكتاب بروح واحدة، وهذا يجعلنا نتساءل كيف فكر زكي نجيب محمود في كتابة هذا الكتاب، فهو بدأ بالجغرافيا والتاريخ في مقالين، ثم تحدث عن الديانة والوعي والخلفية الدينية وعن المسيحية والإسلام والحوار بين الأديان، ثم ذهب إلى صورة مصر في العصور الوسطي وذلك في فصلين أيضاً، ونظر إلى الشخصية العربية في "ألف ليلة وليلة" وتحدث عن مصر والقاهرة والإسكندرية والأقصر، وعن النهضة والاستقلال، وعن محاربة الأمية ودور المرأة، وكذلك عن الفنون والآداب، فهذا الكتاب خُطط له جيداً قبل أن يُكتب، ونسقت فصوله بشكل رائع، واختتم حديثه بأن الكتاب تم تأليفه بروح سارد أو قاص وهو يعتبر كتاب للقارئ العام وليس للنخبة فقط.